نداء ملك الموت
يا ابن آدم أتدري ماذا يقول ملك الموت و أنت نائم على خشبة الغسل ... ينادي عليك و يقول يا ابن آدم أين
سمعك ما أصمّك , أين بصرك ما أعماك , أين لسانك ما أخرسك, أين ريحك الطيّب ما غيّرك , أين مالك
ما أفقرك فإذا وُضِعْتَ في القبر نادى عليك الملك يا ابن آدم جمعت الدنيا أمْ الدنيا جمعتك . يا ابن آدم
تركت الدنيا أمْ الدنيا تركتك . يا ابن آدم استعددت للموت أمْ المنيّة عاجلتك , يا ابن آدم خرجت من التراب
و عدتَ إلى التراب ... خرجت من التراب بلا ذنب و عدتَ إلى التراب و كلّك ذنوب . فإذا ما انفض الناس
عنك و أقبل الليل لتقضي أول ليلة صبحها يوم القيامة , ليلة لا يؤذن فيها الفجر , لم يقل المؤذّن يومها
الصلاة خير من النوم ... انتهت الصلاة ... انتهت العبادات إنّ الذي سيؤذّن فجرها هو إسرافيل . أيتها العظام
النخرة , أيتها اللحوم المتناثرة قومي لفصل القضاء بين يديّ الله رب العالمين . إن الله يقول : و نُفِخَ في
الصور فجمعناهم جمعاً . و يقول أيضاً : و حشرناهم فلم نغادر منهم أحداً عندما يُقبِلْ عليك ليل أول يوم في
قبرك ينادي عليك مالك الملك و ملك الملوك يقول لك : يا ابن آدم رجعوا و تركوك في التراب , دفنوك و لو
ظلّوا معك ما نفعوك , و لمْ يبقَ لك إلا أنا الحيّ الذي لا أموت ... يا ابن آدم من تواضع لله رفعه
و من تكبّر و ضعه الله عبدي أطعتنا فقرّبناك , و عصيتنا فأمهلناك , و لو عُدْتَ إلينا بعد ذلك قبلناك .
إنّي و الإنس و الجنّ في نبأ عظيم , أخلُقُ و يُعْبَدُ غيري . أرزق و يُشكر سواي . خيري إلى العباد نازل
و شرّهم إليّ صاعد . أتحببّ إليهم بنعمي و أنا الغنيّ عنهم و يتباغضون عنّي بالمعاصي و هم أفقر شيء
إليّ . من عاد منهم ناديته من قريب و من بعُدَ منهم ناديته من بعيد . أهل الذكر أهل عبادتي , أهل شكري
أهل زيادتي , أهل طاعتي أهل محبتي , أهل معصيتي لا أقنّطهم من رحمتي فإن تابوا فأنا حبيبهم فإنّي أحبّ
التوابّين و أحب المتطهرين , و إن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأ طهّرهم من الذنوب و المعاصي
. الحسنة عندي بعشر أمثالها و أزيد و السيئة بمثلها و أعفوا أنا أرأف بعبادي من الأم بولدها ...